بدأت الحكاية منذ حوالي 66 مليون سنة فاتت خلال العصور الوسطى, في بيئة لم يتواجد بها الإنسان بعد .. حياة مسالمة تماماً وبدائية من حيوانات لم نرها ولن نراها أبداً, عاشو على نظام القوي يأكل الضعيف, والضعيف يتغذى على خيرات الطبيعة من ماء وحشائش ونباتات.
كانت حياتهم طبيعية واستمرت حتى جاء يوم تغير به لون السماء من الأزرق للأحمر الناري, إذ اخترق كويكب صغير الغلاف الجوي ليصطدم بالأرض .. حجمه لا يقارن بالنيازك أو الشهب إذ كان الكويكب بحجم جبل عملاق, لك أن تتخيل عزيزي القارئ منظر جبل كبير جداً يمشي بسرعة تزيد عن 64,000 كم بالساعة ساقطاً من السماء ليصطدم بسرعته بكوكب الأرض.
اصطدم هذا الكويكب بالأرض بقوة تتجاوز قوة 100 ترليون طن من المتفجرات، جعلته يكمل طريقه في باطن الكوكب نفسه لعمق تجاوز الـ 180 كم وسط الصخور المنصهرة, وكانت هذه اللحظة بداية النهاية لأكثر من 90% من أشكال الحياة على كوكب الأرض في وقتها ومن ضمنها الديناصورات .. أدّى الإصطدام لبداية سلسلة كوارث طبيعية كانت بمثابة يوم القيامة الحقيقي للكوكب.
تفاصيل الكارثة
أدى الإصدام إلى محو جميع المخلوقات والنباتات وحتى البحيرات والمياه من على بعد 1000 كم من الإنفجار, وكانت الإشعاعات الحرارية التي نتجت عن هذا الإصطدام كفيلة بشوي كل الأجسام الحية المحيطة بها على يعد 1000كم في غضون ثواني معدودة.
وبمجرد انتهاء الموجة الاولى بدأت بعدها موجة الفيضانات, تسونامي ضخم وهائل لا يخطر على بال أي بشري يصل ارتفاع أمواجه إلى 300 متر, خرج من كل المحيطات والبحار المجاورة وانتقل لكل ما يحيطها بالإضافة إلى زلازل عشوائية أقلهم بمقياس ريختر 10.1 .. يمكنك تخيل قوة هذه الزلازل بجمع جميع الزلازل التي حصلت على كوكب الأرض منذ 160 سنة وتطلقهم في ثانية واحدة لتحصل على هذا المقياس.
لو لم تمت الحيوانات من الحريق المنبعث من اصطدام الكويكب فستموت من الفيضانات, وإذا لم تمت من الفيضانات فستموت لا محالة من الزلازل التي تشق الأرض وتبتلعها.
بعد مرور حوالي 5-9 دقائق من اصطدام الكويكب, بدأت الحمم البركانية بالخروج من باطن الأرض لتملأ السماء بأحجار ملتهبة ودخان بركاني لتخلق منظراً مهيباً لنهاية كوكب الأرض.
دفنت الأض كلها تحت أطنان من الرماد الناتج عن احتراق كل شئ, ولو نجى أي مخلوق فبالتأكيد تم دفنه تحت أطنان من الرماد.
بعد مرور حوالي نصف ساعة من الإصطدام بدأت الرياح بالهبوب, إذ اصطدام الكويكب تسبب بموجة أبعدت كل شئ حوله حتى الهواء, وهبت موجة من الرياح سرعتها حوالي 1000 كم في الساعة, ضربت سطح الأرض كله .. تعد سرعة هذه الرياح أسرع من سرعة الصوت, وبإمكانها انتزاع جبل في طريقها من قوتها.
في وسط السماء التي ببدت مظلمة كعينين شخص أعمى، يتخللها مطر من صخور ملتهبة تجعلها متوهجة بالنار كمجوهرة في السماء .. استمرت الأرض على هذا الوضع لشهور وسنين حتى بدأ الظلام يختفي تدريجيّاً وتوقفت الكوارث الطبيعية والتسونامي والرياح والنار المشتعلة.
لكن الكوارث لم تنتهي, أدّت كمّية النيران والرماد والدخان إلى تدمير طبقة الأوزون, ممّا أدّى إلى انتاج 100 مليار طن من أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان, وأدّت إلى تفاعلات في الجو نتج عنها أمطار أسيدية حارقة تذيب الجلد والعظام فور ملامستها.
بقيت الأرض على هذا الحال لسنوات كثيرة حتى بدأت تستقر أحوالها وتلتئم طبقة الأوزون ويرجع الطقس إلى حاله بعد أن قضى على أكثر من 90% من أشكال الحياة على الكوكب .. انقرضت كثير من أشكا الحياة التي لن نعرف عنها أبداً, وتعد الأحافير التي تم اكتشافها جزء بسيط من المخلوقات التي عاشت في وقت ما على كوكبنا.
كل هذا حصل منذ 66 مليون سنة, بينما يعد عمر البشر 200,000 سنة فقط, وعمر الأرض 5 مليار سنة, تخيل معي عزيزي القارئ كمية الحضارات التي عاشت قبل انقراض الديناصورات في حقبة لا نعلم عنها أبداً لأنها اختفت عن وجه الأرض كما اختفت الديناصورات تماماً بفعل عوامل طبيعية, كيف عاشو وكيف كانت أشكالهم وهل كانو بمستوى ذكائنا كبشر أم انهم كانو متفوقين علينا بعلمهم وثقافتهم؟ هل تحاربو فيما بينهم أم عاشو بسلام؟ كلها أسئلة لن نعرف أجوبتها أبداً إذ بالكاد نعرف عن مخلوقات عاشت قبلنا ب66 مليون سنة فقط!