مثلث برمودا او مثلث الشيطان كما يسمى هي منطقة في المحيط الاطلسي على شكل مثلث بين جزر برمودا وبورتريكو وولاية فلوريدا الامريكية, وقد اشتهر ببعض حالات الاختفاء الغامض للسفن والطائرات وبعض القطع البحرية، حيث تناقلت وسائل الاعلام الامريكية والعالمية عدة حالات لاختفاء سفن او طائرات ظلت تشكل لغزا لعدة سنوات.
قد جمعت القصص المشهورة عن المثلث بين الحقيقة والخيال العلمي مما زاد من غموضه وخوف الناس منه. يغطي المثلث مساحة تزيد على مليون كيلومتر مربع من مياه المحيط، وقد سمي بذلك نسبة الى جزر برمودا في المحيط الاطلسي، ولعل اول حادثة مسجلة هي التي وقعت للرحلة 19 وهي سرب من ست طائرات لتدريب الطيارين الامريكيين في ديسمبر من عام 1945 حيث ضلت الظريق نتيجة خطأ في تحديد الاتجاهات على بوصلة الطيار القائد للسرب مما ادى الى سقوطها جميعا في الماء.
وفيما تشير دراسات حديثة هذة الحادثة لا علاقة لها بغموض مثلث برمودا, انما هي نتيجة خطأ بشري أدى الى سلوك مسار خاطيء, وبالتالي نفاذ وقود الطائرات قبل الوصول الى اليابسة .. اهتمت الصحافة الامريكية حينها بالقصة وافردت مساحات واسعة لتحليل محادثات الطيارين عبر الراديو, ولم يخل الأمر من التهويل واختلاق القصص الخيالية التي وصل بعضها الى الادعاء أن مثلث برمودا منطقة للاتصال بين الارض والكواكب الاخرى.
روايات مثلث برمودا
ترجع بعض الروايات أن كريستوف كولومبوس المستكشف الشهير هو أول من اكتشف الغموض في مثلث برمودا وتحدث عن ظواهر غريبة فيه منها بعض الصخور العائمة والمياه البيضاء, وقد تحدث قائد الرحلة 19 عن بعض ما ورد في شهادة كولومبوس.
وقد شهد المثلث حالات اختفاء غامضة ومأساوية منها ما تم رصده ومنها ما بقي مخفيا فترة من الزمن ثم ظهر للعلن نتيجة الدراسات الحديثة، وقد سجلت عدة شهادات غريبة ومخيفة للناجين من تلك الحالات مما زاد من غموض المثلث والرهبة المحيطة به.
وتنسب معظم حالات الاختفاء الى منطقة تسمى بحر سارجاسو, وهو بحر يحتوي على العديد من تجمعات الصخور العائمة التي تعيق حركة السفن, ويعتقد انها احد أسباب حالات الغرق, و قد كان مشهورا لدى البحارة بحر الرعب او مقبرة الأطلسي لكثرة السفن التي غرقت فيه على مدى العصور.
على مدى عقود, امتزجت الروايات عن حالات الاختفاء في المثلث بالخيال والاكاذيب التي اختلقها بعض الكتاب بهدف زيادة التشويق في كتاباتهم, وهو ما رسخ الأسطورة في عقول الناس, ولكن أبحاث كثيرة جرت منذ السبعينيات حتى اليوم تؤكد أن مثلث برمودا لم يكن سوى أكذوبة كبيرة ألفها بعض الكتاب, أو يمكن انهم وقعوا في خطأ ولم يستطيعوا التمييز بين الحقيقة والوهم في روايات الطيارين والبحارة الذين تعرضوا للخطر في تلك المنطقة.
ومن اشهر تلك الدراسات هي دراسة كوش الذي أكد ان معدل حالات ضياع السفن بسبب المثلث في أي فترة زمنية كان قريبا من تلك المسجلة في كل المحيطات الاخرى، كما وضح ان هناك ادعاءات بحالات اختفاء لسفن وطائرات لم تكن أصلا في المثلث, وتم نسبتها إليه زوراً, وفيما بعد قامت عدة محطات تلفزيونية بعمل أبحاث استقصائية شملت بعض حالات الغرق وسجلات خفر السواحل, وأغلبها توصل الى حقيقة واحدة وهي ان معدل حالات الغرق عادي ومشابه لمعظم المنطق الاخرى.
تفسيرات الظاهرة وراء مثلث برمودا
طوال الفترة الممتدة من عام 1945 وحتى الآن, ظهرت عدة تحليلات ودراسات تحاول الكشف عن السر الغامض في هذا المثلث, وقد اتخذ بعضها منحنى خيالي ولا علاقة له بالعلم، فهناك من رأى أن هناك لعنة قد تم وضعها تحت مياه المحيط, وهناك من رجح أن الصحون الطائرة وبعض الكائنات الفضائية هي المسؤولة عن اختفاء السفن.
ولكن هناك بعض التفسيرات التي كانت اكثر واقعية ومنها:
- وجود طبقات من غاز الميثان المحبوس تحت مياه المحيط, والذي يخرج على شكل دفعات انفجارية مما يؤدي الى حدوث فرق في كثافة المياه تحت السفن, ما يؤدي الى تكسرها وغرقها، وقد ثبت وجود كميات هائلة من غاز الميثان في تلك المنطقة تفوق بكثير تلك الموجودة في اي محيط اخر>
- مجالات كهرومغناطيسية تؤدي الى خلل في البوصلة وادوات القياس, وهو امر شائع عند الملاحين والبحارة اذ يوجد مناطق لا تعمل فيها البوصلة بشكل صحيح, ويحدث فيها انقلاب في الاقطاب.
- نشاطات بشرية, إذ يمكن للانسان ان يقع في الخطأ بسهولة ويمكن ايضا ان تحدث صراعات سواء فردية او بين الجيوش والتاريخ شاهد على عدة صراعات بحرية اواعمال سرقة وتخريب قام بها القراصنة.
- وجود اهرامات من الكريستال تحت سطح المياه وقد ثبت بالفعل وجود عدة اهرامات من الزجاج او الكريستال تحت في بعض المناطق واشهرها منطقة مثلث برمودا, وقد وضع بعض العلماء فرضية تقول انها تنتج طاقة تؤدي الى كل الظواهر الغريبة من تغيير اتجاه البوصلة والتغييرات المفاجئة في حركة الرياح والامواج.
- ظواهر جوية منطرفة مثل الاعاصير والامواج العاتية والتي كان يعتقد انها تنشأ فجأة في بعض مناطق المحيط الاطلسي وتؤدي الى غرق بعض السفن.
بالرغم من أن حادثة غرق سرب الطائرات هي اول حادثة تلقى صدى واسع لدى الناس نتيجة اهتمام الاعلام بها, فإن هناك حالات اختقاء غامضة تم ادراجها ضمن ضحايا مثلث برمودا, وقد متدت من بدايات القرن التاسع عشر الى ستينيات القرن العشرين, وقد عكف الباحثين في القضايا الغامضة على تحليل كل الاشارات التي بقيت من حوادث الاختفاء لأكثر من 50 عام، وحاولوا الوصول الى الحقيقة الكامنة خلفها.
لكن مع التطور التكنولوجي وظهور عدد من الشواهد التي تؤكد أن هناك تهويل في قصص الاختفاء, بدأ الغموض يزول عن هذا المثلث وصارت كثير من الأبحاث تنصب على البحث عن حطام تلك السفن التي غرقت فيما مضى في المنطقة, ولكن مما يجدر ذكره ان الميثان الموجود بكميات هائلة والاهرام الكريستالية وبعض التشكيلات الحجرية في قعر المحيط وعلى سطح المياه ما زالت تشكل حافزاً قوياً لدى كثير من الباحثين للتعمق في دراسة المثلث.
وبغض النظر ان كانت ظاهرة مثلث برمودا حقيقية أو مفتعلة ووهمية, فإن الكثير من العلماء يرى أن البحث فيها قد يوصل الى حقائق لم تعرف من قبل, وخاصة مع الاكتشافات الجديدة في الميثان, بينما يرى آخرون أنها مجرد خدعة عمل البعض على ترويجها لإخفاء سر ما او لإشغال الناس عن بعض المواضيع الاكثر أهمية، كما يرى البعض الآخر أن المثلث اتخذ صفة الأسطورة على مر العصور, وهو ما ساعد على تقبل الناس لأي كذبة تحاك حوله، فهناك العديد من قصص الاختفاء التي ثبت أنها أكاذيب لا أساس لها من الصحة، ويبقى مثلث برمودا أحد أبرز مظاهر الطبيعة الغامضة حتى يومنا هذا.
I couldn’t refrain from commenting. Exceptionally well written!