سوء الحظ فكرة يؤمن بها بعض الناس ويرفضها البعض الآخر، حتى الأشخاص المنطقيين بيننا قد يسمحون لأنفسهم بتصديق أنّ أحداً ما يعاني من سوء الحظ، ولكن هل حقّاً يمكن لشخص ما أو لقوة غير مرئية أن تُصيب أحدهم بالحظ السيء؟ هل يمكن أن نصاب بلعنة؟
يتضمن الكتاب المقدس الكثير من اللعنات أشهرها لعنة قابيل ولعنة لحم الخنزير، بالإضافة إلى اللعنات المذكورة في السجلات الإنكليزية القديمة.
من عصور ما قبل الميلاد وحتى القرن العشرين كانت هذه اللعنات تقضي على حياة المصاب بها وتنهي حياته المزعومة.
لنتعرف على أشهر ست لعنات على مر التاريخ…
1- لعنة المومياء
في السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1922 دخل عالم الآثار البريطاني “هوارد كارتر” ومساعده المالي “اللورد كارنارفون” حجرة الدفن التي يتواجد ضمنها قبر الملك الفرعوني “توت عنخ آمون”، وبذلك كانا أول من يدخل إلى هذه الحجرة منذ دفن الملك وتحنيطه قبل 3000 سنة.
وعندما انتشرت الأخبار العظيمة حول اكتشاف القبر سارعت وسائل الإعلام إلى اختلاق القصص المتعلقة بلعنة المومياء ومدى قسوتها، وقالت الصحفية “ماري كوليري” لإحدى الصحف في ذلك الوقت أنّها حذّرت “اللورد كارنارفون” من أنّ لعنة المومياء سوف تصيب أيّ شخص يتسلل إلى حجرة القبر المغلقة.
توفّي “اللورد كارنارفون” بعد عدّة أشهر من دخوله حجرة القبر وتحديداً في شهر نيسان/أبريل عام 1923، ورأى السير “آرثر كونان دويل” أنّ وفاته كانت نتيجة مواد سامة أو عناصر شريرة وضعها المصريون القدماء لحماية قبر الملك.
توفّي الكثير من الأشخاص الذين دخلوا القبر أو الذين كانوا يدعمون فريق “كارتر”، بطرق عنيفة ومرعبة بعد فترة قصيرة من دخوله، من بينهم السير “أرشيبالد دوغلاس ريد”، والذي صوّر مومياء الملك الفرعوني بالأشعة السينية في عام 1924، فتدهورت صحته مباشرة بعد التصوير، وكذلك “آرثر ميس” الباحث في الآثار المصرية والذي حفر مع “كارتر” للوصول إلى القبر.
الأعمار التي توفي فيها أولئك الذين زاروا القبر أو شاركوا العالم “كارتر” في البحث تتوافق مع متوسط عمر حياة الإنسان، وبعد وفاة العالم “كارتر” في عام 1939 عادت الصحافة للحديث عن لعنة المومياء مرة أخرى.
2- كرسي “باسبي” الرجل الميت
كرسي خشبيّ قديم ذو تاريخ مشؤوم معلق على أحد جدران متحف ثيرسك شمال يوركشاير، يُشتهر هذا الكرسي باسم “كرسي الرجل الميت” ويقال بأنّ من يجلس عليه تُصيبه اللعنة ويموت بعد فترة وجيزة.
في عام 1702 أُدين رجل يدعى “باسبي” بالقتل العمد، ووفقاً لإحدى الروايات، فقد قُبض عليه وهو جالس على كرسي خشبي في حانة قديمة، ولعن هذا الكرسي القديم أثناء القبض عليه واقتياده بعيداً.
ومع مرور السنين ظلّ كرسي “باسبي” مرتبطاً بالوفيات المفاجئة لكل من جاء إلى الحانة وجلس عليه، على سبيل المثال جلس الكثير من الطيارين الكنديين على الكرسي خلال الحرب العالمية الثانية وماتوا جميعهم أثناء تنفيذهم لإحدى الغارات، قد لا يكون هذا دليلاً على اللعنة فقد مات الكثير من الطيارين الآخرين في الحرب، ولكن في عام 1970 ارتبطت حوادث السيارات القاسية وطرق الوفاة المرعبة آنذاك بالجلوس على هذا الكرسي، مما دفع صاحب الحانة إلى التخلص منه وتسليمه لمتحف ثيرسك في عام 1978.
3- كنز تولوز
واحدة من أشهر قصص اللعنات عبر التاريخ حدثت منذ أكثر من 2000 سنة، كانت مدينة تولوز في فرنسا والمعروفة عند الرومان باسم “تولوسا” موطناً لمجموعة من القبائل المعروفة باسم “فولكاي”.
انطلقت هذه القبائل إلى مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط للقتال والسرقة والنهب، وعندما عادوا إلى ديارهم كان الرومان في انتظارهم للاستيلاء على الذهب والغنائم التي عادوا بها.
وتقول القصص أنّ الذهب قد لُعن، والرومان الذين استولوا على الذهب لم يرهم ولم يسمع عنهم أحد بعد ذلك.
الكنز موجود الآن في مكان مجهول ويدعي البعض أنّه مدفون في قاع بحيرة جنوب فرنسا، ولكن لا أحد يبحث عنه بسبب خوف الباحثين من اللعنة التي قد تلحق بهم عند عثورهم عليه.
4- لعنة شجرة البلوط
تعدّ لعنة شجرة البلوط والسلاسل الحديدية واحدة من أشهر اللعنات عبر التاريخ، وفقاً للقصة، وفي ليلة خريفية مظلمة من ليالي القرن التاسع عشر، كان أحد النبلاء داخل عربة تجرّها الأحصنة، على إحدى الطرق المتعرجة بين الغابات في طريقه للوصول إلى موطن أجداده في أبراج والتون في مدينة ستافوردشاير.
وقفت سيدة عجوز في منتصف الطريق ومنعت عربة النبيل من المرور، وطلبت منه بعض المال، مما أثار غضبه وصرخ عليها بوحشية لتبتعد عن طريقه ورفض إعطاءها المال، فلعنته السيدة هو وعائلته وأخبرته أنّ كلّما سقط غصن من شجرة البلوط القديمة المشهورة في البلدة سيرافق سقوطه موت أحد من أفراد عائلته.
تحقّقت اللعنة بعد عدّة ساعات فقط من الحادثة عندما توفي أحد أفراد عائلة النبيل لسبب غير معروف، وكان ذلك مباشرة بعد العاصفة التي أصابت المدينة وتسببت في سقوط غصن من شجرة البلوط الملعونة.
ذلك كان كافياً لإقناعه أنّ اللعنة حقيقية، فأمر الخدم بربط فروع شجرة البلوط الملعونة بسلاسل حديدية لمنع سقوطها، ولا تزال الشجرة حتّى اليوم مرتبطة بتلك السلاسل المعدنية الصدئة.
5- لعنة مدينة كارلايل
وُضع حجر من الغرانيت يزن حوالي 14 طنّاً في نفق وسط مدينة كارلايل، وقد نقشت عليه لعنة تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، وذلك للاحتفال بالألفية الجديدة في العام 2001.
أطلق على الحجر الضخم اسم “الحجر الملعون”، فقد نُقشت عليه مئات الكلمات كان جزء منها عبارة عن لعنة مكونة من (1069) كلمة أصدرها كبير أساقفة مدينة غلاسكو دنبار في عام 1525 ميلادي لإيقاف اللصوص وقطاع الطرق الذين انتشروا في المنطقة آنذاك.
بعد سنوات من وضع الحجر نشب حريق كبير في قلب مدينة كارلايل، وتعرضت المدينة لفيضانات وكوارث طبيعية، وانتشرت الأمراض التي قتلت آلاف قطعان الماشية، بالإضافة إلى استبعاد فريق كارلايل لكرة القدم من مسابقة الدوري المحلي.
أراد معارضو الحجر الملعون بمن فيهم رئيس مجلس الإدارة المحلي إزالته وإخراجه من المدينة، فأخبرتهم ساحرة محلية أنّ إزالة الحجر الملعون دليل على الاعتراف بقوة اللعنة، وإزالته ستزيد قوتها وقسوتها.
6- لعنة البراغانزا
حكم البيت الملكي في البراغانزا كامل إمبراطورية البرتغال من عام 1640 وحتى 1910 ميلادي، وقد أصابتهم لعنة تعدّ الأشهر في أوروبا على الإطلاق، ذُكرت في الكثير من الوثائق التاريخية.
تقول الروايات أنّ ملك البرتغال “جون الرابع” الذي حكم بين عامي 1640 – 1656 اعتدى على راهب اقترب منه طالباً المال، ركل الملك الشاب الرجل العجوز وأمره بالابتعاد عن طريقه.
غضب الراهب وصب لعنته على الملك، وأخبره أنّ كلّ ذكر مولود من سلالته الملكية سيموت قبل أن يتوّج ملكاً، ولم تكن اللعنة مزحة أبداً، فجميع الذكور الشباب من سلالة البراغانزا – باستثناء ثلاثة فقط – لم يعيشوا فترة كافية للجلوس على العرش.